responsiveMenu
صيغة PDF شهادة الفهرست
   ««الصفحة الأولى    «الصفحة السابقة
   الجزء :
الصفحة التالیة»    الصفحة الأخيرة»»   
   ««اول    «قبلی
   الجزء :
بعدی»    آخر»»   
اسم الکتاب : تفسير الرازي = مفاتيح الغيب أو التفسير الكبير المؤلف : الرازي، فخر الدين    الجزء : 16  صفحة : 123
وَالرِّوَايَةُ الثَّالِثَةُ:
قَالَ ابْنُ عَبَّاسٍ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُمَا: سَأَلُوهُ أَنْ يَحْمِلَهُمْ عَلَى الدَّوَابِّ فَقَالَ عَلَيْهِ السَّلَامُ: «لَا أَجِدُ مَا أَحْمِلُكُمْ عَلَيْهِ»
لِأَنَّ الشُّقَّةَ بَعِيدَةٌ. وَالرَّجُلُ يَحْتَاجُ إِلَى بَعِيرَيْنِ، بَعِيرٌ يَرْكَبُهُ وَبَعِيرٌ يَحْمِلُ عَلَيْهِ مَاءَهُ وَزَادَهُ.
قَالَ صَاحِبُ «الْكَشَّافِ» : قَوْلُهُ: تَفِيضُ مِنَ الدَّمْعِ حَزَناً كَقَوْلِكَ: تَفِيضُ دَمْعًا، وَهُوَ أَبْلَغُ مِنْ يَفِيضُ دَمْعُهَا، لِأَنَّ الْعَيْنَ جُعِلَتْ كَأَنَّ كُلَّهَا دمع فائض.

[سورة التوبة (9) : الآيات 93 الى 94]
إِنَّمَا السَّبِيلُ عَلَى الَّذِينَ يَسْتَأْذِنُونَكَ وَهُمْ أَغْنِياءُ رَضُوا بِأَنْ يَكُونُوا مَعَ الْخَوالِفِ وَطَبَعَ اللَّهُ عَلى قُلُوبِهِمْ فَهُمْ لَا يَعْلَمُونَ (93) يَعْتَذِرُونَ إِلَيْكُمْ إِذا رَجَعْتُمْ إِلَيْهِمْ قُلْ لَا تَعْتَذِرُوا لَنْ نُؤْمِنَ لَكُمْ قَدْ نَبَّأَنَا اللَّهُ مِنْ أَخْبارِكُمْ وَسَيَرَى اللَّهُ عَمَلَكُمْ وَرَسُولُهُ ثُمَّ تُرَدُّونَ إِلى عالِمِ الْغَيْبِ وَالشَّهادَةِ فَيُنَبِّئُكُمْ بِما كُنْتُمْ تَعْمَلُونَ (94)
وَفِي الْآيَةِ مَسَائِلُ:
الْمَسْأَلَةُ الْأُولَى: أَنَّهُ تَعَالَى لَمَّا قَالَ فِي الْآيَةِ الْأُولَى: مَا عَلَى الْمُحْسِنِينَ مِنْ سَبِيلٍ قَالَ فِي هَذِهِ/ الْآيَةِ إِنَّمَا السَّبِيلُ عَلَى مَنْ كَانَ كَذَا وَكَذَا، ثُمَّ الَّذِينَ قَالُوا فِي الْآيَةِ الْأُولَى الْمُرَادُ مَا عَلَى الْمُحْسِنِينَ مِنْ سَبِيلٍ فِي أَمْرِ الْغَزْوِ وَالْجِهَادِ، وَأَنَّ نَفْيَ السَّبِيلِ فِي تِلْكَ الْآيَةِ مَخْصُوصٌ بِهَذَا الْحُكْمِ. قَالُوا: السَّبِيلُ الَّذِي نَفَاهُ عَنِ الْمُحْسِنِينَ، هُوَ الَّذِي أَثْبَتَهُ فِي هَؤُلَاءِ الْمُنَافِقِينَ، وَهُوَ الَّذِي يَخْتَصُّ بِالْجِهَادِ، وَالْمَعْنَى: أَنَّ هَؤُلَاءِ الْأَغْنِيَاءَ الَّذِينَ يَسْتَأْذِنُونَكَ فِي التَّخَلُّفِ سَبِيلُ اللَّهِ عَلَيْهِمْ لَازِمٌ، وَتَكْلِيفُهُ عَلَيْهِمْ بِالذِّهَابِ إِلَى الْغَزْوِ مُتَوَجِّهٌ، وَلَا عُذْرَ لَهُمُ الْبَتَّةَ فِي التَّخَلُّفِ.
فَإِنْ قِيلَ: قَوْلُهُ: رَضُوا مَا مَوْقِعُهُ؟
قُلْنَا: كَأَنَّهُ اسْتِئْنَافٌ، كَأَنَّهُ قِيلَ: مَا بَالُهُمُ اسْتَأْذَنُوا وَهُمْ أَغْنِيَاءُ. فَقِيلَ: رَضُوا بِالدَّنَاءَةِ وَالضِّعَةِ وَالِانْتِظَامِ فِي جُمْلَةِ الْخَوَالِفِ وَطَبَعَ اللَّهُ عَلى قُلُوبِهِمْ يَعْنِي أَنَّ السَّبَبَ فِي نَفْرَتِهِمْ عَنِ الْجِهَادِ، هُوَ أَنَّ اللَّهَ طَبَعَ عَلَى قُلُوبِهِمْ، فَلِأَجْلِ ذَلِكَ الطَّبْعِ لَا يَعْلَمُونَ مَا فِي الْجِهَادِ مِنْ مَنَافِعِ الدِّينِ وَالدُّنْيَا.
ثُمَّ قَالَ: يَعْتَذِرُونَ إِلَيْكُمْ إِذا رَجَعْتُمْ إِلَيْهِمْ قُلْ لَا تَعْتَذِرُوا لَنْ نُؤْمِنَ لَكُمْ عِلَّةً لِلْمَنْعِ مِنَ الِاعْتِذَارِ لِأَنَّ غَرَضَ الْمُعْتَذِرِ أَنْ يَصِيرَ عُذْرُهُ مَقْبُولًا. فَإِذَا عَلِمَ بِأَنَّ الْقَوْمَ يُكَذِّبُونَهُ فِيهِ، وَجَبَ عَلَيْهِ تَرْكُهُ. وَقَوْلُهُ: قَدْ نَبَّأَنَا اللَّهُ مِنْ أَخْبارِكُمْ عِلَّةٌ لِانْتِفَاءِ التَّصْدِيقِ، لِأَنَّهُ تَعَالَى لَمَّا أَطْلَعَ رَسُولَهُ عَلَى مَا فِي ضَمَائِرِهِمْ مِنَ الْخُبْثِ وَالْمَكْرِ وَالنِّفَاقِ، امْتَنَعَ أَنْ يُصَدِّقَهُمُ الرَّسُولُ عَلَيْهِ الصَّلَاةُ وَالسَّلَامُ فِي تِلْكَ الْأَعْذَارِ.
ثُمَّ قَالَ: وَسَيَرَى اللَّهُ عَمَلَكُمْ وَرَسُولُهُ وَالْمَعْنَى أَنَّهُمْ كَانُوا يُظْهِرُونَ مِنْ أَنْفُسِهِمْ عِنْدَ تَقْرِيرِ تِلْكَ الْمَعَاذِيرِ حُبًّا لِلرَّسُولِ عَلَيْهِ الصَّلَاةُ وَالسَّلَامُ وَالْمُؤْمِنِينَ وَشَفَقَةً عَلَيْهِمْ وَرَغْبَةً فِي نُصْرَتِهِمْ، فَقَالَ تَعَالَى: وَسَيَرَى اللَّهُ عَمَلَكُمْ أَنَّكُمْ هَلْ تَبْقُونَ بَعْدَ ذَلِكَ عَلَى هَذِهِ الْحَالَةِ الَّتِي تُظْهِرُونَهَا مِنَ الصِّدْقِ وَالصَّفَاءِ، أَوْ لَا تَبْقُونَ عَلَيْهَا؟
ثُمَّ قَالَ: ثُمَّ تُرَدُّونَ إِلى عالِمِ الْغَيْبِ وَالشَّهادَةِ.
فَإِنْ قِيلَ: لِمَا قَالَ: وَسَيَرَى اللَّهُ عَمَلَكُمْ فَلِمَ لَمْ يَقُلْ، ثُمَّ تُرَدُّونَ إِلَيْهِ، وَمَا الْفَائِدَةُ مِنْ قَوْلِهِ: ثُمَّ.

اسم الکتاب : تفسير الرازي = مفاتيح الغيب أو التفسير الكبير المؤلف : الرازي، فخر الدين    الجزء : 16  صفحة : 123
   ««الصفحة الأولى    «الصفحة السابقة
   الجزء :
الصفحة التالیة»    الصفحة الأخيرة»»   
   ««اول    «قبلی
   الجزء :
بعدی»    آخر»»   
صيغة PDF شهادة الفهرست